في شمال غربي رواندا، وسط الطبيعة الخلابة والبراكين الساكنة، ترحب بك واحدة من أرقى تجارب السياحة الزراعية في العالم، حيث تلتقي الجودة بالاستدامة في مزارع القهوة. تُعد مزرعة “كيغوفي للقهوة” إحدى أبرز وجهات السياحة الزراعية في رواندا، وهي ليست مجرد مزرعة، بل قصة نجاح تتجسد في حب وشغف العاملين بها.
مزرعة “كيغوفي للقهوة”: استدامة وتوسع
تقع مزرعة “كيغوفي” على ارتفاع شاهق يصل إلى 1510 أمتار، ما يمنح نباتات القهوة بيئة مثالية لنمو حباتها الذهبية. تمتد المزرعة على مساحة 3.7 هكتارات، وتنتج بين 5 إلى 10 أطنان سنويًا من قهوة بوربون الشهيرة. هنا يعمل 10 موظفين دائمين وأكثر من 12 عاملاً موسميًا خلال موسم الحصاد، مع طموحات كبيرة لتوسيع المشروع ليشمل مناطق زراعية أوسع.
وتتميز المزرعة بالتزامها بممارسات الزراعة المستدامة منذ تأسيسها عام 1999، حيث تتعاون مع المزارعين المحليين لتطوير أنظمة الزراعة البيئية وإنتاج منتجات ذات قيمة مضافة محلية.
السياحة وتجربة مزارع القهوة
لا تقتصر زيارة مزارع “كيغوفي” على مشاهدة أشجار القهوة، بل تأخذك التجربة إلى عالم مليء بالتفاصيل؛ من التعرف على مراحل إنتاج البن، بدءًا من جمع حبات الكرز الأحمر حتى عملية التجفيف. توفر بعض التعاونيات جولات سياحية مميزة تتيح لك مراقبة العمليات الزراعية والاستمتاع بنكهة القهوة الطازجة.
ويُعزز المكان دوره المجتمعي بتوفير فرص للتدريب وتطوير مهارات المزارعين والمهندسين الزراعيين، إلى جانب تنشيط السياحة المحلية من خلال أنشطة مثل مراقبة الطيور، المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات بين التلال البركانية الخضراء.
تاريخ القهوة في رواندا: من البدايات إلى العالمية
دخلت زراعة القهوة إلى رواندا عام 1904 على يد المستعمرين الألمان، لكنها شهدت تحولًا ملحوظًا في مطلع الألفية الجديدة. ركز المنتجون المحليون على الجودة بدلاً من الكمية، وتم تقديم القهوة الرواندية كمنتج متميز عالميًا.
اليوم، تنتج رواندا نحو 22 ألف طن سنويًا من قهوة بوربون أرابيكا، حيث يساهم 450 ألف مزارع صغير في دعم هذه الصناعة التي تُعد مصدرًا رئيسيًا للدخل. تُصدر رواندا معظم إنتاجها إلى الولايات المتحدة، أوروبا، آسيا، وسويسرا، لتُحقق صادرات بقيمة 93 مليون دولار سنويًا، وفق بيانات البنك الدولي.
مستقبل زراعة القهوة في رواندا
لم تتوقف رواندا عند تصدير القهوة التقليدية فحسب؛ بل خاضت تجربة ناجحة في بيع منتجاتها عبر منصات التجارة الإلكترونية العالمية، مثل شراكتها مع “علي بابا” في 2018. هذه الخطوة ساهمت في تحقيق نمو هائل للمبيعات، مما عزز مكانة رواندا كأحد أبرز منتجي البن المتخصص عالميًا.
نكهة رواندا: الكيف قبل الكم
بين تلال رواندا الخضراء ومزارعها المنتشرة، يظل التركيز على الجودة هو سر النجاح. قهوة رواندا ليست مجرد مشروب؛ بل هي حكاية تُروى عن الجهد والحب، تجسدها حبات بوربون أرابيكا التي تُعد رمزًا لتراث زراعي أصيل، ونموذجًا للتنمية المستدامة.
إذا كنت تبحث عن تجربة سياحية تجمع بين سحر الطبيعة وثقافة زراعية عريقة، فإن زيارة مزارع القهوة في رواندا ستكون بالتأكيد تجربة لا تُنسى.