المسرح الملكي بالرباط: تحفة معمارية تضيء المشهد الثقافي المغربي وتطل على تاريخ ضفاف أبي رقراق

Waleed18 ديسمبر 2024آخر تحديث :
المسرح الملكي بالرباط: تحفة معمارية تضيء المشهد الثقافي المغربي وتطل على تاريخ ضفاف أبي رقراق

يُعد المسرح الملكي بالرباط أيقونة معمارية بارزة تضاف إلى لائحة الإنجازات الثقافية للعاصمة المغربية، جامعًا بين عراقة الماضي وحداثة الحاضر. يطل هذا الصرح الفريد على ضفاف نهر أبي رقراق، ويقابله من الجهة الأخرى صومعة حسان الشهيرة التي صمدت على مدى أكثر من ثمانية قرون، في مشهد ساحر يعكس التناغم بين الإرث التاريخي والعمران الحديث.

معلم معماري بتوقيع زها حديد

افتتحت الأميرة للا حسناء وزوجة الرئيس الفرنسي بريجيت ماكرون رسميًا المسرح الملكي الذي انطلق تشييده سنة 2014 واكتمل في عام 2021. تعود تصاميم هذا الصرح الثقافي إلى المهندسة العراقية البريطانية الراحلة زها حديد، التي تركت بصماتها المعمارية حول العالم عبر مشاريع استثنائية، مثل دار الأوبرا في غوانغجو ومركز حيدر علييف بباكو.

يمتد المسرح على مساحة 7 هكتارات بتكلفة فاقت 1677 مليون درهم، ويضم مبنىً عصريًا بمواصفات عالمية، مما يجعله أكبر مسرح في العالم العربي وأفريقيا. يشكل تصميمه تحفةً إبداعية تأخذ من الفن الإسلامي روحها وتستند إلى تقنيات البناء الحديثة التي تراعي متطلبات العروض الكبرى.

قاعات وتجهيزات عالمية

يضم المسرح الملكي قاعة رئيسية تتسع لأكثر من 1800 مقعد، مهيأة بأحدث التقنيات الصوتية والسينوغرافية، إلى جانب سقف متحرك مبتكر يأخذ شكل عاكس صوتي. يعكس تصميم القاعة الرئيسية الطابع الفني للعمارة الإسلامية في العصور الوسطى، مما يضيف لمسة تاريخية على تجربة المشاهدين.

بالإضافة إلى القاعة الكبرى، يحتوي المبنى على قاعة أخرى بطاقة استيعابية تبلغ 250 مقعدًا، مخصصة للفعاليات الثقافية والعروض المتنوعة، إلى جانب قاعات للنجوم والفنانين. ولا يقتصر الإبداع على الداخل فقط؛ إذ يضم المسرح مدرجًا خارجيًا يتسع لـ7 آلاف مشاهد مخصص لاحتضان المهرجانات والفعاليات الجماهيرية.

وتكتمل تجربة الزائر بوجود مطعم بانورامي يوفر إطلالة خلابة على أبرز معالم الرباط، مثل برج محمد السادس وصومعة حسان وضريح محمد الخامس.

نقلة نوعية في المشهد الثقافي

يعزز هذا الصرح الجديد البنية التحتية الثقافية في المغرب ويرتقي بالمشهد الفني المحلي إلى مستويات عالمية. يرى فاعلون مسرحيون أن المسرح الملكي بالرباط سيسهم في تقديم إنتاجات مغربية ذات جودة عالية تتناسب مع القيمة الفنية لهذه المنشأة.

المخرج المسرحي أمين ناسور أشار إلى أن المسرح يرفع سقف الطموح الإبداعي للفنانين المغاربة، داعيًا إلى تكثيف الاستثمار في المجال الثقافي وتطوير الإنتاجات لتليق بإمكانيات هذا الصرح الضخم.

من جهته، أكد مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، أن المسرح الملكي سيجعل الرباط وجهة ثقافية عربية وإفريقية، داعيًا الحكومة إلى تفعيل السياسات الثقافية لدعم الفنون الحية وضمان الاستفادة الأمثل من هذه الفضاءات المهيأة بمعايير عالمية.

بين التاريخ والحداثة

بافتتاح المسرح الملكي بالرباط، تُثبت العاصمة المغربية مكانتها كمدينة ثقافية تزخر بمعالم تُكرّس هويتها المزدوجة؛ بين ماضٍ غني وحاضر يخطو بثقة نحو العالمية. هذا المسرح ليس مجرد صرح معماري فحسب، بل هو تجسيد لرؤية ملكية تُولي اهتمامًا كبيرًا بالفنون والثقافة كركائز أساسية للتنمية والحضارة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة